البصل من النباتات التي ذكرها الله في القرآن الكريم باسمه، ورد ذكره مرة واحدة، قال - تعالى -: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا..) (البقرة الآية: 61).
سئل ابن المبارك - رحمه الله - عن الحديث الذي جاء في العدس أنه قدِّس على لسان سبعين نبياً، فقال: ولا على لسان نبي واحد، وإنه مؤذٍ منفخ، قرين البصل في القرآن، وهو شهوة اليهود التي قدموها على المن والسلوى.
وقيل عنه: "إذا دخلتم بلدة وبيئة (موبوءة) فخفتم وباءها، فعليكم ببصلها".
وتقول الحكمة الصينية القديمة: "تناول بصلتين يومياً ليبتعد عنك الطبيب".
ويقول المثل السكاندينافي: "البصل والدخان والمرأة أكثر إثارة للدموع".
ويقول المثل المالطي: "الكلب تال البصل لا يأكل ولا يخلّي مِن يأكل".
هل تعلم: أن ضغط الماء داخل كل خلية في البصلة كاف لتشغيل محرك بخاري.
هل تعلم: أن البصل الحلو، كان الفاكهة المفضلة عند قدماء الرومان
أن الفراعنة قدسوا البصل، وصاروا يحلفون به، لذلك خلدوا اسمه على جدران المعابد وأوراق البردي، نبات البصل مدونا ببردية "أيبرز" الفرعونية عام 1552 قبل الميلاد، والتي تُعد أقدم الدساتير للأدوية، وقد سُميت البردية باسم "جورج أيبرز" عالم الآثار الألماني الذي اشتراها من أعرابي وجدها بين ركبتي مومياء مدفونة في إحدى مقابر طيبة، وكان الفراعنة يضعونه في توابيت الموتى لاعتقادهم انه يعين الميت على التنفس عندما تعود إليه الحياة، ولقد عثر خبراء الآثار على بصلتين في جثة "رمسيس الثالث"، واحدة كانت موضوعة في تجويف العين والأخرى تحت الإبط الأيسر، وكان الفراعنة يحرمون تناول البصل في أيام الأعياد والأفراح، لكيلا تسيل دموعهم. ويُعتبر "أمنحتب" أول طبيب عرفه في العالم، واستخدمه في علاج التلوث وعفونة البطن وانتشار الأمراض الوبائية في الصيف.
استعمل العرب في الجاهلية الأدوية الطبيعية من البصل، والثوم والحلبة، والحبة السوداء، والعسل والأدوية الروحية من الرقى والتمائم. لكن غلب على النوع الأخير تأثرها بالشرك والسحر والخرافة.
أن الموطن الأصلي للبصل إيران ثم وصل إلى الهند وباكستان، البصل من فصيلة الزنبقيات، وهو من النباتات الحولية المعمرة، الاسم العلمي للبصل (ALLIUM CEPAL)، الاسم الإنجليزي (Onion). وينمو برِّيًّا على سواحل بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط، وينتشر في أسبانيا وإيطاليا واليونان والجزائر والمغرب وتونس وليبيا، ومصر -على الساحل الشمال الشرقي في شبه جزيرة سيناء حتى رفح والعريش وعلى الساحل الشمال الغربي حتى ليبيا.
أنواع البصل:
(1) بصل العنصل الأبيض White squill، يمتاز بلون قشرته الخارجية وهو اللون الأصفر.
(2) بصل العنصل الأحمر Red squill، يمتاز بلون قشرته الخارجية وهو اللون الأحمر، ويرجع لونه إلى وجود صبغة "الأنتوسيانين" في العصير الخلوي للأوراق.
نوعي: البصل الأبيض والبصل الأحمر، لا فرق بينهما من الوجهة الطبية ولكنهما يختلفان في المذاق، حيث أن الأبيض يفضل للأكل لأنه اقل حدة من الأحمر في مذاقه.
البصل في عيون المفكرين
يرى أحمد قدامة في قاموسه بأن بعض مؤرخي أمريكا يقولون بأن الهنود الحمر عرفوا البصل وأطلقوا عليه اسم شيكاغو.. ومعنى شيكاغو القوة والعظمة.
ويقول محمد أمين الضناوي في كتابه (ماذا نأكل): بأن الفراعنة وجهوا عمال الأهرامات بأكل البصل؛ لأنه مغذ وفاتح للشهية ومدر للبول، وكانوا يعتقدون أيضاً أن القشرة الرفيعة للبصل تتنبأ بالطقس، فكلما كانت ارق وأكثر شفافية كان هذا دليلاً على أن الشتاء سوف يكون قاسياً.
قال أبو بكر الرازي: "إنه يعالج احتباس البول وعسره، ويستعمل المريض ضماداً مكوناً من البصل والكراث والسمن الحار على المعدة ليسكن الآلام.
وقال ابن سينا: "إن التدليك بالبصل حول موضع داء "الثعلبة" ينفع جدًا، وماء البصل يدر الطمث ويقوي المعدة".
محاذر طبية لابن ماسويه:
من أكل البصل أربعين يوماً وكلف فلا يلومن إلا نفسه.
ومما يضر بالعقل إدمان أكل البصل والباقلا والزيتون والباذنجان وكثرة الجماع والوحدة والأفكار والسكر وكثرة الضحك والغم.
المواد الفعالة في البصل:
يحتوى البصل على مواد فعَّالة شبيهة بالمواد الموجودة في الثوم، ويحتوي كذلك على جليكوسيدات وجلوكوكونين، ويحتوى البصل على عناصر غذائية هامة مثل البروتينات والكربوهيدرات، كما يحتوي على كمية من الأملاح المعدنية أهمها أملاح الحديد والفسفور والكالسيوم، وأيضاً يحتوى على فيتامينات أ، ب، ج، والأحماض العضوية مثل حمض الستريك، كما يحتوى أيضاً على زيوت طيارة وألياف سليلوزية منشطة للأمعاء، مواد قاتلة لبعض أنواع البكتريا والفطريات، ويحتوي البصل على أنواع من مادة "الفرمنت"، وهي عامل هاضم للغذاء في عصارات المعدة والأمعاء، وهو يعالج حالات ارتفاع الحرارة (الحمى).
كان العلماء يعتقدون أن التأثير المسيل للدموع عند تقشير البصل ناجم عن أنزيم اسمه aliinase (الأنزيم المسئول عن الطعم الخاص للبصل)، لكن باحثون يابانيين من "هاوس فود كوربوريشن" أظهروا أن عامل إسالة الدموع يتخلق في الواقع من أنزيم آخر اسمه synthase factor lacrymatory (الذي لا يؤدي أي دور في طعم البصل). ومن هنا الأمل في تطوير بصل محوّر جينياً لا يسيل الدموع مع الاحتفاظ بكامل طعمه.
وأوضح خبراء التغذية أن البصل يقلل خطر الإصابة بسرطان المعدة؛ لاحتوائه على تركيزات عالية من مادة "كويرسيتين"، وهي أحد أنواع مركبات الفلافونويد الوقائية المضادة للأكسدة التي تحمي خلايا الجسم من التأثيرات الضارة والتلف الذي تسببه جزيئات الراديكالات الحرة المؤذية، لذلك يُعتقد أنه يساعد أيضا في حماية القلب والشرايين. اكتشف العلماء في جامعة هاواي الأمريكية، أن البصل يحتوي علي مركبات نباتية معينة مضادة للأكسدة تساعد في تقليل فرص الإصابة بسرطان الرئة، كما حصلت حقن الطبيب الفرنسي "جورج لاكوفسكي" من البصل على نتائج طبية مهمة في علاج مرضى السرطان؛ حيث يتم ذلك باستخدام مادة فعالة تُستخرج من عصير البصل تُعطى للجسم عن طريق الحقن الشرجية.