9- الوقاية :
درهم وقاية خير من قنطار علاج وأن يقضي الوالدين ساعات في تدريب أطفالهم على حماية أنفسهم وساعات أخرى لمراقبتهم خير من أن يقضوا سنوات طوال في علاج الآثار السلبية لمحاولات الاعتداء والتحرش على أطفالهم.
وخير للأطفال أن يتعلموا حماية أنفسهم من كثرة الرقابة الملاصقة لهم.
وكل ذلك يجب أن يتم بطريقة هادئة وطبيعية تماما كما يعلمونهم آداب الأكل واللبس والنوم فيتعلمونها كما يتعلمون أي خلق أو مهارة من مهارات حياتهم اليومية حتى لا تصبح القضية وسواسا يفسد عليهم حياتهم.
ويمكن تلخيص خطوات الوقاية كالتالي:
1- أن يتعلم الطفل آداب العورة وسترها.
2- أن يتعلم الطفل أن هنالك أجزاء من جسده لا يحق لأحد أن يراها أو يلمسها.ويفضل أن يكون ذلك مرتبطا بالوقاية الصحية من الأمراض والعناية بجانب النظافة والسلامة الصحية حتى لا يتجه تفكير الطفل إلى ما لا نريد أن نصارحه به.
3- أن تتم مراقبة الطفل من قبل الوالدين وخاصة في الأماكن التي يخافون عليه فيها.وليكن ذلك بدون مضايقة له ودون أن يشعر.
4- أن يدرب الطفل على التفريق بين اللمسة الحانية ولمسة التحرش.
5- أن يدرب الطفل على التفريق بين النظرة الحانية ونظرة التحرش.
6- أن يلقن الطفل أن أفضل وسيلة عند تعرضه للتحرش هي الصراخ بقوة والرجوع 3خطوات للخلف ثم الهرب فورا من الموقع والالتجاء للأماكن العامة القريبة أو البيت.
7- لابد من تعويد الطفل على أن يخبر أمه بكل يومياته وما يحدث له ويجب على الأم أن تحافظ دائما على هدوءها فلا توبخه ولا تنهره حينما يخبرها بما يزعجها وخاصة حالات التحرش.ويجب على أم أن تمارس معه دور الصديقة التي تحسن الاستماع لطفلها أو طفلتها.
8- يجب أن تعتني الأسرة دائما بالوقاية وعدم التساهل والغفلة وألا تعتمد على الآخرين في رعاية أطفالهم أو العناية بصغارهم.
10- صدمة الاكتشاف:
صدمة اكتشاف حالات التحرش كيف يجب أن تتعامل الأسرة معها؟
إن عدم التعامل بطريقة صحيحة مع الأمر قد ينتج عنه سلبيات كبيرة وقد تصل إلى حدّ "قتل الروح " لدى الضحية إذ يُقضى على حياة الطفل بشكل كامل مالم يتم التعامل مع الأمر بشكل سليم .
وهنالك أمور يجب التنبه لها عند التعامل مع المشكلة حين اكتشافها –وقانا الله وإياكم- ومن أهمها:
- ردّ فعل الكبار حين سماع مثل هذا الخبر قد يتسم باحتقار الطفل وإهانته: فعلى حين كان الطفل ينتظر منهم مساعدته يفاجئ بأنه في نظرهم موضع تهمة وأنه ضعيف وأنه هو من هيأ للآخرين الاعتداء عليه.
- قد يتولد لدى الضحية إحساس بالذنب ويبدأ في تحميل نفسه مسئولية ما حدث فيرى أنه هو السبب في غضب الأب والأم ومن حوله ثم يبدأ في معاتبة نفسه على هذا ويستمر ذلك وقد يصل إلى حدّ المرض النفسي بسبب عقدة الذنب.
- خوف الطفل من المعتدي الذي يقوم بتهديده إذا أخبر والديه يجب أن نسعى لوضع حدّ ذلك بحيث يأمن الطفل على نفسه.ويجب ألا يؤخر ذلك أبدا.
- خوف الطفل من ردّ فعل الوالدين يجعله يفضل قانون الصمت مما يعرضه لمخاطر تكرار الاعتداءات عليه وتعقد المشكلة بشكل أكبر.
هذه الأمور الأولى التي يجب التنبه لها وعدم الوقوع فيها للحدّ من تطور الآثار السلبية على حياة الطفل ومن حوله.
التعامل مع صدمة الاكتشاف:
ثم هنالك خطوات ينبغي للوالدين عملها عند اكتشاف محاولات الاعتداء على طفلهما كالتالي:
1- عدم استسلام الأهل والأسرة لتأنيب الذات ولوم الضحية لأن ذلك ينسيهم ملاحقة المعتدي الحقيقي الذي يجب أن ينال عقابه.
كما يجب أن نعلم أن التكتم والتعتيم على المشكلة يساعد المجرم على تكرار جرائمه مع الآخرين.
2- يجب على الوالدين والأسرة الهدوء وعدم الانفعال : لأنه في الغالب أن الانفعال في البداية يوجه نحو الضحية وهذا يشعره بأنه هو المذنب بينما المجرم لا يناله شيء من ذلك.
3- السماع التفصيلي الهادئ من الطفل والتعرف على الوضع الحقيقي وكم عدد مرات الاعتداء أو التحرش وكيفيته ومكانه ووقته وأسباب سكوت الطفل.
وحينما يسمح للطفل بالتعبير الحرّ يساعده ذلك على التخلص من المشاعر السلبية التي تسمح له بالانطلاق والتفريغ مما يخفف من وطء المشكلة على نفسه.
4- استعمال لغة الطفل وعدم تبديل ألفاظه لأن راحة الطفل هي الأهم في هذا الوقت.
5- تصديق الطفل فقد لا يقول كل شيء ليس لأنه كاذب ولكن لأنه خائف وكلما كانت ثقته أقوى فيمن حوله كلما كان أكثر دقة في وصف الحادثة.
6- يجب ملاحظة الطفل ملاحظة دقيقة دون أن يشعر وذلك لحمايته من التعرض لمثيرات وتسجيل أي أمر غريب في سلوكياته وتصرفاته.
مع صرف انتباهه دائما عند ملاحظته شاردا أو سارحا ومحاولة حثه على التواجد وسط الأسرة وعدم تركه منعزلا.
7- عدم إلقاء المسئولية على الطفل وإفهامه بمدى تفهمنا لما تعرض له وأنه كان ضحية وتقديرنا لمشاعره الخائفة والفزعة وأننا نعذره لعدم قدرته على إبلاغنا بالأمر وأنه هو الذي يهمنا . وأننا سنعاقب من تعرض له وأننا سنعمل على حمايته مع تعليمه كيف يتصرف مستقبلا.
ولنتعامل معه كأنه شخص قد سرق منه شيئا ثمينا فلا نلقي باللائمة عليه بل ساعده ليستعيد ما سرق منه...
8- أفضل ما يمكن أن يعالج الطفل الضحية هو أن يرى من قام بالاعتداء عليه وهو مقبوض عليه والإجراءات العقابية تتخذ ضده مثل المحاكمة والحبس والعقوبة.
وإن استطاع الطفل أن يصرخ في وجهه ويعلن كراهيته له أو سمح له بضرب المعتدي عليه لكان ذلك أفضل في علاج آثار الصدمة عليه وحتى يعلم بأنه ليس مذنبا ولكن المذنب هو المعتدي.
9- يجب أن يُعلم الطفل كيف يتعامل مع هذه المواقف بشجاعة ودون رضوخ للمعتدي.
10- الحفاظ على الهدوء النفسي وتوفير الأمان وإذا لم تستطع الأسرة ذلك فلتستعن بشخص متخصص من خارجها يساعدها على تجاوز الأزمة.
11- العلاج وإجراءات احتواء الطفل:
يجب عرض الطفل على المختص النفسي لعلاج ما يسمى تفاعل مابعد الصدمة وللتغلب على مشاعر الخوف والقلق التي يصاب بها الطفل بعد الاعتداء عليه.
ويتم اعادة التأهيل النفسي للطفل لدى مختص في العلاج النفسي ولابد أن نذكر بأن التأخر في علاج الطفل وتأهيله نفسيا قد يضر به طوال حياته...
وخطوات العلاج غالبا ستمر بالمراحل التالية:
1- أن يحكي الطفل للمعالج الوقائع المؤلمة التي تعرض لها ويحدثه عن مشاعره ومخاوفه ويخرج كل مالا يريد تذكره حتى لا يحتفظ بها داخله ولئلا تظهر على هيئة كوابيس ولا يستعيد صورها أثناء يقظته.
2- يقوم المعالج النفسي بعمل علاج سلوكي من خلال مدرج القلق لإعادة الطفل إلى نشاطاته الطبيعية وعلاج مخاوفه تدريجيا.
3- يتابع المعالج بشكل دوري ما تبقى من آثار للحادث على نفس الطفل ويتعامل مع كل مشكلة بما يتناسب معها مثل( التبول اللإرادي – اللزمات العصبية كقضم الأظافر –التدهور الدراسي... إلخ).
ماذا لو كان المعتدي أحد الأقارب؟
سؤال مهم وخطير في نفس الوقت فماذا يجب اتباعه في حال كان المعتدي أو احد الأقارب؟
حينما يكون المعتدي هو الأب أو أحد الأقارب فإن العلاقة يجب أن تقطع فورا ودون أي انتظار فلا يمكن استمرار الحياة في ظل وجود متحرش وذئب مفترس سواء كان أبا أو أما أو قريبا تحت أية حجة وذلك للأسباب التالية:
1- يظل الطفل تحت الشعور بالتهديد بالتحرش حتى لو انكشف الأمر لأن عدم اتخاذ إجراء ضدّ المتحرش يغريه بتكرار فعله وقد يضغط على الطفل معنويا بحرمانه من أمور أو حتى يظهر قوته حيث أن الأم لم تستطع فعل شيء له وهو ما يجعل الطفل يخضع في النهاية للمتحرش.
2- أن الطفل يشعر بالقهر والغبن وأنه لا يوجد من يحميه أو يدافع عنه وأن الأم وهي أقرب الناس والحصن الأمين قد فضلت مصلحتها في استمرار العلاقة الزوجية على حمايته والدفاع عنه ، وهذا يجعل الطفل يحمل درجة عالية من الكراهية للطرفين (الأب والأم) الأب لأنه اعتدى عليه والأم لأنها لم تحمه وستمتد هذه الكراهية للمجتمع كله.
فيصبح الطفل عدوانيا شديد الجنوح.أو سلبيا شديد الانطواء وهو ما قد يهيئه للمرض النفسي والعقلي في نهاية الأمر.
وهنا نعيد أنه في حال تعرض الطفل للتحرش أو الاعتداء من أي شخص أن يرى الطفل الحماية تقدم له ويوفر له الأمان.وأن يرى العقاب يقع على المعتدي أيّا كان(قريبا أو بعيدا من الأسرة أو من خارجها) وأن تقطع العلاقة فورا مع المعتدي .
ويتم افهام الطفل بأن قطع العلاقة تم لأجله ولأجل حمايته وسلامته.
كما أنه إذا تم عقاب المعتدي بأي نوع من أنواع العقوبات يمكن حينها أن يقتنع الطفل الضحية بأن حقه لم يهدر .
وأما التستر على المعتدي وعدم حماية الطفل فهو " قتل الروح " بحق كما عبر بعض المختصين ؛ إذ كيف يكون مصدر الأمان (الأسرة) سببا في أشدّ المخاوف وكيف ستكون الحياة في نظر هذا الطفل وكيف يمكن أن يعيش وقد سُلب نعمة الأمن النفسي والطمأنينة...وقانا الله وإياكم وأطفالنا والأطفال جميعا هذه المأساة.
كتبه خالد بن محمد الشهري
مشرف علم النفس بتعليم المنطقة الشرقية