01.30.2014
بسم الله الرحمن الرحيم
التربية بالحب
أبو حفصة منصف
01 رجب 1434
11 مايو 2013
التربية بالحب
ما من مولود إلا وفطره الله على الحب، فالحب غريزة فطرية في الطفل، يحب أبويه ويعبر عن ذلك بابتسامته إليهما وهو لازال في الأشهر الأولى، وبتعلقه بهما وتقبيله لهما وبتعبيره اللفظي لهما، فكثيرا ما يردد على أسماعهما أنه يحبهما.
حاجة الطفل إلى الحب حاجة فطرية وأساسية ولا تقل عن حاجته للطعام والشراب والنوم، وعلى الآباء أن يهتموا بذلك جيدا، وعليهم أن يدركوا أن أهم أسباب انحراف الأطفال سلوكيا وأخلاقيا انعدام الحب في البيت، فشعوره بعدم حب والديه له قد يؤديه للانحراف والجريمة والزنا...
إشباع أبنائنا حاجتهم للحب يكسبنا أشياء كثيرة السعادة والطمأنينة والراحة،ومحبتهم وطاعتهم والتواصل معهم ويجنبنا مشاكل كثيرة وإشباع حاجتهم للحب يحفظهم من اضطرابات سلوكية وأمراض نفسية...
نستطيع أن نربي أبناءنا بالحب من خلال أساليب كثيرة منها:
1- التقبيل واحتضانهم
روى أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها.
وذات يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في مسجده وسط أصحابه فإذا بالحسن بن علي رضي الله عنهما يمر من أمامه فأمسك به النبي صلى الله عليه وسلم وقبَّله فقال الأقرع بن حابس التميمي : يا رسول الله تقبلون الصبيان ؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : نعم ! قال : والله لي عشرة من الصبيان ما قبلت أحداً منهم . فنظر إليه صلى الله عليه وسلم وقال : (( أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك من لا يرحم لا يرحم )).
فهكذا يعلمنا النبي صلى الله عليه تقبيل أبنائنا واحتضانهم وأن هذا دليل الرحمة، والذي لا يقبل أولاده إنسان لا يملك الرحمة وأنه لا يُرحم.
أثبتت الدراسات النفسية أن تقبيل الطفل واحتضانه يمنحه فوائد صحية ونفسية، و يساعد على تخفيف العصبية والقلق النفسي والإحساس بالألم.
2- الابتسامة
الابتسامة كنز لا يكلفك شيئا، والنبي صلى الله عليه وسلم كان كثير التبسم فعن عبدالله بن الحارث بن جزء، قال: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسُّمًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم"؛ رواه الترمذي، وصحَّحه الألبانيُّ
وعن جرير - رضي الله عنه - قال: ما حجبني النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسَّم في وجهي، ولقد شكوت إليه أني لا أثبت على الخيل، فضرب بيده في صدري، وقال: ((اللهم ثبِّته واجعله هاديًا ومهديًّا))؛ رواه البخاريُّ.
فلنقتدي به صلى الله عليه وسلم ولنجعله قدوة لنا في كل شيء حتى ونحن تبتسم...
إن ابتسامتك في وجه طفلك تعني له الكثير، فهي دليل على حبك له واحترامك له ودليل على أهميته في حياتك وابتسامتك له تشعره بالأمان والسعادة والتفاؤل.
3- إخبارك بحبك له
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إني أحب فلانا. قال صلى الله عليه وسلم : هل أخبرته؟ قال: لا يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم: ( اذهب وأخبره أنك تحبه ).
هكذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نخبر من نحب بحبنا له، فإذا كنا حقاً نحب أبناءنا فهل أخبرناهم بذلك؟
علينا أن نكثر على مسامع أبنائنا كلمة "أحبك"، معرفة الولد بحب والديه له يحفظه من انحرافات عدة ويقوي العلاقة بينهما، ولابد أن نُشعر الطفل أن حبنا له ليس مقيدا بأشياء بل في جميع الظروف، ونقبله كما هو بعيوبه ومحاسنه، وإذا أساء فليكن بغضنا لأفعالهوليس لذاته وشخصيته، وهذا الأسلوب التربوي الرائع في التفريق بين الشخص والخطأ نتعلمه من الصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنه فعن أبي قلابة أن أبا الدرداء مر على رجل قد أصاب ذنبا فكانوا يسبونه فقال أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه قالوا بلى قال فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم قالوا أفلا تبغضه قال إنما أبغض عمله فإذا تركه فهو أخي.
4- الكلمة الطيبة
على المرء أن يعوّد لسانه الكلام الطيب فلا يسمع منه أولاده إلا الكلام الطيب، والكلمة الطيبة صدقة تتصدق بها على نفسك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» متفق عليه.
الكلمة الطيبة لها أثر كبير في نفسية الطفل وسلوكه وشخصيته، فالكلمة الطيبة تربيه على الابتعاد عن الكلام الفاحش من سب وشتم ولعن، وتربيه على الثقة بالنفس واحترام الآخرين ومخاطبتهم بالكلام الطيب بخلاف من تعوّد على سماع الكلام الفاحش والسب والشتم فإن ذلك يؤثر على نفسيته وشخصيته فيصبح ضعيف الثقة، ولا يترفع عن سب الآخرين وشتمهم...
5- الدعاء لهم
مما يجعل أبناءك يحبونك ويدركون حبك لهم دعاؤك لهم بالصلاح والنحاح والخير، فما أجمل أن تبدأ يومك مع أبنائك بالدعاء لهم وتختمه بالدعاء لهم.
لابد أن تُسمع أبناءك دعاؤك لهم فهذا مما يسعدهم ويُفرحهم، وعوّد لسانك الدعاء لهم حتى وأنت في حالة الغضب.
هناك أساليب كثيرة جداً للتربية بالحب وإظهار حبنا لهم، أكتفي بذكر هذه الأساليب لسهولة تطبيقها ولا تكلّفنا الشيء الكثير ولا المال ولا كثير الوقت، وأنصح كل أب يعاني من سلوك ابنه أن يتعامل مع ابنه بهذه الأساليب وسيرى إن شاء الله أثرها الطيب على ابنه وسلوكه.